قامت مجلة «سراج الأدب» بمقابلة مع الدكتور علي الضيغمي عضو هيئة التدريس بجامعة سمنان وسألته عن حياته العلمية والخاصة فيما يلي نص المقابلة:
ü بداية هل لك أن تقدّم نفسك وتعطينا نبذة عن حياتك الخاصة؟
بسم ا... الرحمن الرحيم. أنا علي الضيغمي ولدتُ يوم 15 تير سنة 1363 للهجرة الشمسية أي 6 يوليو 1984م في قرية «فُرُومَد» التابعة لقضاء «مَيَامِي» بمحافظة «سِمنان». تابعت دراستي حتى نهاية الثانوية في قريتي وفي فرع العلوم الإنسانية. وبما أن هذه القرية لم تكن تدرّس فيها دروس المرحلة الإعدادية للجامعة فسافرتُ إلى مدينة «ميامي» وتابعت دراستي هناك واستطعت بعون ا... أن أُتِم هذه المرحلة بنجاح وأنجح في الامتحان الوزاري للدخول في الجامعة وبرتبة 1284 بين المشاركين، فاخترتُ فرع اللغة العربية التي كنتُ أحبّها منذ طفولتي وتعرّفي على لغة القرآن. فدخلتُ في مرحلة الإجازة في جامعة سمنان سنة 1381 ﻫ.ش / 2002م وبعون ا... تعالى كنتُ من الناجحين في هذا الفرع واستطعتُ أن أُنجز دراستي في مرحلة الليسانس سنة 1385هـ.ش/ 2006م بمعدل 09/19 ونجحتُ في الحصول على الرتبة الأولى بين الطلاب المشاركين في امتحان الماجستير في إيران سنة 1385هـ.ش/2006م فاخترتُ جامعة طهران وتابعتُ دراستي في مرحلة الماجستير والدكتوراه في فرع اللغة العربية وآدابها هناك واستطعتُ بعون ا... تعالى أن أنجز دراستي بنجاح في مرحلة الدكتوراه سنة 1390هـ.ش / 2011م وأنا في الـ 27 من عمري. ثمّ شاركتُ في اختبارات وزارة العلوم والبحوث واخترت جامعة سمنان للتدريس لأنها كانت بوابة تعرّفي على لغة القرآن وممهّدة لنجاحاتي التالية والآن أدرّس في هذه الجامعة منذ سنتين بكل شوق وأشكر الباري تعالى دائما لهذا التوفيق.
ü كيف تعلمتَ المحادثة العربية بهذا المستوى الراقي؟
أنا أيضا كنتُ مثل الكثير من الطلاب عند دخولهم في الجامعة، ولم أكن أعرف كثيرا عن اللغة العربية والتحدث بها، لأنه مع الأسف في مدارسنا لا يركّزون على المحادثة والكثير من المعلمين لايستطيعون أن يتحدّثوا بالعربية فيركّزون في الصفوف على القواعد والترجمة. على أي حال بعد دخولي في الجامعة كنتُ أقرأ الدروس والصحف والمجلات العربية كثيرا وكنت أحاول أن أتحدث بالعربية، في البداية كان صعبا وكان الطلاب يستهزؤون بِي، غير أن هذا الاستهزاء لم يحل دون جهدي بل أدّى إلى أن يزداد محاولتي للتحدث بالعربية فكنتُ أتحدث مع الأساتذة والزملاء وحتى الطلاب الذين لا يدرسون في فرعنا باللغة العربية وإن لم أكن أجد أحدا فكنتُ أتحدث مع نفسي باللغة العربية، كما كنت أكتب ذكرياتي اليومية باللغة العربية حيث ساعدتني كثيرا للارتقاء بمستوى محادثتي بهذه اللغة. وأتذكر كنتُ أغرّم نفسي لو أتحدث بالفارسية مع الذين كانوا يعرفون العربية. وهذه الأمور أدّت إلى إجادتي العربية بعد فترة بحمد ا... . فاستمررت في التحدث في مرحلة الماجستير والدكتوراه وساعدتني في ذلك الفترةُ التي كنت أشتغل في «اتحاد طلاب العالم الإسلامي» وتواصلي مع الإخوة العرب المتعاونين مع هذا الاتحاد الدولي.
ü كيف حصلتَ على الرتبه الأولى في امتحان الماجستر؟
أنا كنت أطالع دروسي طوال الفصل ولم أكن أتركها لليلة الامتحان فكنت أقرأ ما يصلني في اللغة العربية من كتب ومجلات وصحف ونصوص إنترنتية ولم أكن أكتفي بالكراسات الدراسية. وأتذكر أنني كنتُ أنام ليلة الامتحان مبكرا وزملائي كانوا مستيقظين حتى الصباح، يطالعون ويحفظون كراساتهم ولكن عندما كانت درجتي في الامتحان أكثر منهم كانوا يوبّخونني كيف حصلتَ على درجة أكثر منا وأنت كنت نائما ليلة الامتحان؟ فكنت أردّ عليهم أنني أفهم الدروس ولا أحفظها. وامتحان الماجستير لايختلف كثيرا عن امتحانات نهاية الفصل. كنت أقرأ للامتحان وقد حدّدت لنفسي أن أحصل على مفخرة لجامعتي وفرعي الدراسي لأدارك جهود أساتذتي الكبار مثل الدكتور خورسندي والدكتور طاهري والدكتور زماني والدكتور العامري وجهود عائلتي فساعدني ا... سبحانه وتعالى وحصلت على الدرجة الأولى في تخصصَيْ الأدب والترجمة سنة 1385هـ.ش / 2006م من بين الطلاب الإيرانيين المشاركين في الامتحان رغم أنني لم أستطع أن أطالع كما يجب فشملني فضل الباري تعالى مثل بقية مراحل حياتي إثر دعاء والديَّ.
ü أرشدنا في كيفية قراءه دروس مثل: الصرف والنحو والبلاغة وتاريخ الأدب وغيرها.
كما قلتُ سابقا يجب أن تفهموا الدروس ولا تحفظونها، إن اللغة العربية لغة حلوة لمن يفهمها وصعبة لمن يحفظ بعضها ولايفهم بعضها الآخر. لا تكتفوا بالكراسات والكتب التي تدرّس في الصفوف بل وسّعوا في مطالعتكم وطبّقوا ما تتعلمونه في الصرف والنحو والبلاغة في النصوص التي تقرؤونها من القرآن الكريم ونهج البلاغة والكتب العربية الأخرى. مثلا عندما تقرؤون أن الفاعل مرفوع، فابحثوا عن الفاعل في الآي القرآنية والكراسات العربية التي تتعلمونها في الصف حتى تفهموه بشكل جيد. وفي بقية الدروس كذلك ركّزوا على الجودة وليس على الكمية فقط.
ü لماذا فرع «اللغة العربية» لايعجب بعض الطلاب؟ وما الحيلة؟
مع الأسف هناك خلفيّة سيّئة في ذهن بعض الطلاب عن هذا الفرع لعدة أسباب، بعضهم يفكّرون أن سوق العمل في هذا الفرع غير مناسبة ولا يجدون عملا بعد التخرّج ويزيد الطين بلة ما يشاهدونه ويسمعونه من الطلاب السابقين غير الناجحين عادة. غير أنني أؤكّد هنا إن سوق العمل لهذا الفرع جيدة جدا لمن يُتقن هذه اللغة بشكل جيد في المحادثة والترجمة من الفارسية إلى العربية وبالعكس وتدريس الصرف والنحو والبلاغة والنصوص وغيرها. صحيح لا يجد الطالب الذي تعلم بعض الشيء وغابت عنه أشياء عملا في المجتمع إلا عندما كان له محسوبية أو محاباة، ولكن الطالب النشيط الذي وصل إلى المستوى العالي في هذه اللغة يستطيع أن يجد مهنة في دور الترجمة أو الجامعات أو المدارس أو المواقع الإنترنتية أو السفارات أو الشركات التي تحتاج إلى مترجمين ومدرّسين لهذه اللغة.
كما أن ما يراه طلابنا في البلدان العربية من الحكومات العميلة للغرب وهذه الخلفيّة التاريخية التي بقيت في أذهان الإيرانيين إثر محاولة الاستعمار للتفريق بين الشعوب الإسلامية تؤثر على نظرتهم السيئة إلى اللغة العربية والإخوة العرب. غير أننا يجب أن نعلم إن اللغة العربية لغة ديننا ونحن نتكلم بها يوميا، شئنا أو أبينا، عندما نصلّي أو نتلو القرآن، فيا ريت أن نفهم ما نقول وإن أئمتنا عليهم السلام طلبوا منا أن نتعلّم العربية، وإضافة إلى ذلك إن العربية إحدى اللغات العالمية الحيّة في العالم ويمكننا التواصل عبرها مع شريحة كبيرة من الناس في البلدان الإسلامية.
ü رجاء اذكر فوائد هذا الفرع؟
أنا أشرت إلى بعض فوائده في السؤال السابق، إن هذا الفرع فرع جامعي كبقية الفروع الجامعية وأفضل من معظمها لأسباب عدة منها: أن العربية تساعدنا في الدنيا والآخرة. إننا عبر التعرف على لغة القرآن نفهم الكثير من التعاليم التي تؤدي إلى السعادة الأخروية ونلتذّ عندما نتلو القرآن أو نقرأ الأدعية حيث إن الترجمة لاتستطيع أن تنقل كل ما في اللغة، وبالنسبة إلى الأمور الدنيوية كما قلت سابقا إن الطلاب الذين يواصلون دراستهم في مرحلة الماجستير والدكتوراه يستطيعون أن يصبحوا أساتذة ومدرّسين في الجامعات والمدارس الإيرانية التي تدرّس فيها اللغة العربية – وما أكثرها- أو يقوموا بالترجمة في دور الترجمة والشركات ووكالات الأنباء والمواقع الإنترنتية الكثيرة التي لها صفحة باللغة العربية أو يشتغلوا في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون أو السفارات الأجنبية وغيرها من الأعمال التي تحتاج إلى الذين يجيدون العربية وأؤكد مرة أخرى الذين يجيدون العربية وليس الذين يحصلون على شهادة جامعية في هذا الفرع فقط.
ü من فضلك أشر إلى الصعوبات التي واجهتَها طوال هذه السنوات الدراسية؟
هناك مشاكل خاصة أمام كل شخص، كان لي بعض المشاكل أيضا وساعدني الباري سبحانه وتعالى في اجتيازها، منها البعد عن الأسرة وأنني كنت أعمل وأدرس معاً بعد أن تزوجت سنة 1385هـ.ش / 2006م ولكن هذه ذرائع لو نتوسل بها لعدم الدراسة واستطعت بحمدا... أن أؤلف طوال الدراسة 4 كتب وأكتب 5 مقالات علمية مطبوعة وأحصل على درجات جيدة في الدروس والرسائل الجامعية بعون الباري تعالى. وأشكره ليلا ونهارا وأنا الآن في هذه المكانة وأسأله أن يساعدني أن لاأنسى مَن كنتُ؟ ومِن أين أتيتُ؟ ولايسعني إلا أن أقول لايُعرف قدر الربيع إلا بعد الشتاء البارد! ﴿وإنّ مع العسر يسرا.﴾ والمهم هو أن نتوكل على ا... في جميع مراحل حياتنا، في السرّاء والضرّاء.
ü نشكرك لإتاحة هذه الفرصة وهل هناك كلمة أخيرة؟
الكلمة الأخيرة هي الشكر الجزيل لا... سبحانه وتعالى لكل ما وفّقني، كما أشكر عائلتي لمسايرتي طوال هذه السنوات وأساتذتي في جامعتَيْ سمنان وطهران الذين تعلمت بين أيديهم ولم أكن أصل إلى ما أنا الآن فيه إلا بجهودكم الحثيثة، وأشكركم جزيل الشكر لإتاحة هذه الفرصة وأسأل ا... تعالى أن يوفّقكم يا بناة المستقبل.
الإعداد: أكبر زماني